أعين تفضح الذلّ///للشاعر الجزائري:بغداد سايح((((بقلمي(((

من أقدم أشعاري*
أعين تفضح الذلّ

تلمسانُ
و إنسانُ
وجههُ المصفرُّ
علكةً يجترُّ
أصبحتْ قافُ فيهِ
ألفَ الفأرِ فيهِ
سارقٌ من وقتِهْ
غارقٌ في مقتِهْ
أنطقَ الجوعُ فاهُ:
"وا كرنتيكاهُ"
رنّ جيبٌ نقودا
يبتغيها وقودا
قال:"كُلْ يا بخيلُ
لا تخفْ، ذا دخيلُ
و ادفعِ الدينارا
و اكتُمِ الدمعَ نارا"
***
و منصورهْ
هي الصورهْ
تلكَ رمزُ الحضارهْ
بُليتْ بالدعارهْ
لمسةُ التاريخِ
همسةُ المرّيخِ
و زمانُ بالِ
لمْ يعُدْ في البالِ
حائطٌ يتهاوى
بالثرى يتساوى
و فمٌ للسنينِ
منهُ يرثي"المريني":
"عُدْ لنا يا ربيعُ
شعبنا لا يُطيعُ
نائمٌ و هْوَ يغفو
ظن مجداً سيعفو"
***
هنا "ستّي"
من السّتِ
تشتكي النسيانا
تلعقُ الأحزانا
من ضجيجِ المدينهْ
لا أريجِ السكينهْ
من وغى الإرهابِ
بالدم المنسابِ
من صراخِ الحدائقْ
لانسلاخِ الخلائقْ
من دموع الأيامى
بل جموعِ اليتامى
من سجونِ الغفلهْ
في جنونِ الحفلهْ
من هروبِ الرجاءِ
نحو أهل الهجاءِ
***
و إيمامهْ
تُري القامهْ
فبناتُ الشوارعْ
فعلُ فسقٍ مُضارعْ
شرفاً ماتَ بِعنَ
و فلوساً تبعنَ
في العماراتِ عهرُ
له في الدربِ جهرُ
و بياضُ الحمامهْ
دنّستهُ القمامَهْ
قلتُ في الصمتِ:"جودي
لي بغير اليهودِ
يا فسادَ النساءِ
في الضحى و المساءِ"
فشدا العندليبُ:
"هذه تلْ أبيبُ"
***
و "كيفانْ"
كطوفانْ
يقهرُ الضغفاءَ
ينهرُ الشرفاءَ
و نفوذ "القماقمْ"
خطرٌ متفاقمْ
يمتطي شيئينِ
أبدا سيِّئينِ
لسعةُ الدبّوسِ
فزعةُ الكابوسِ
يُطلق العدلَ ظُلما
يسرقُ الناس حُلما
و يحلُّ السكوتُ
و الحلالُ يموتُ
فلْيسُدنا الشخيرُ
أوّلٌ و أخيرُ
***
و في "بدغنْ"
هوىً أرعنْ
و شبابُ الطيشِ
كارهٌ للعيشِ
شاربٌ للخمورِ
يشتهي كلّ سورِ
يطلبُ التدخينا
كي يعي التخمينا
و على الدُّرج"يحيَ"
مدّ كفّاً ليحيا
دائما يتسوّلْ
قائماً يتوسّلْ
بئسَ حالٌ ذميمهْ
شُهرتْ بالنميمهْ
هكذا الوقتُ يُمضى
و المعيشةُ فوضى
***
و شتوانْ
بها الآنْ
لحنُ عزّ المصيفِ
مالئٌ للرصيفِ
إنها الأعراسُ
لم يذرها الناسُ
لا التقاليدُ تُنسى
و هْيَ تبزغُ شمسا
فاقرعي يا طبولُ
و اهرعي يا خيولُ
و انطقي يا بنادقْ:
"لا نريدُ الفنادقْ
نحنُ نهوى الزرابي
و افتراسُ الترابِ
ببغاءَ الحُثالهْ
سنصونُ الأصالهْ"
***
غزاواتُ
و أصواتُ
حرفُ شينٍ تكاثرْ
و جمالٌ تناثرْ
قومُ دَيْنٍ و دنيا
من يدِ السخطِ دنيا
عشقوا التصفيقَ
عبدوا الموسيقى
غير نزرٍ تشتّتْ
كاد أن يتفتّتْ
في دجى الضوضاءِ
مع قرنِ الظاءِ
نفد الصبرُ حتّى
غنّتِ الخمرُ سُحتا:
"مدمني ليس خاطي
إنما ذا صراطي"
***
و ندرومهْ
بكتْ رومهْ
و حروفُ اللقطهْ
ستّةٌ و النقطهْ
نونها نار جانِ
عُوّضتْ بالدّخانِ
دالها دفءُ قبلهْ
قارسُ البردِ قبلَهْ
راؤها ريح نرجسْ
لا تهبُّ بلا جسْ
واوها الوردُ خلفي
عطره عافَ أنفي
ميمها مكرُ أهلِ
همْ كصعبٍ بسهلِ
هاؤها هول عارِ
يختفي في البُخارِ
***
و "مُسكردا"
بلا"مْسِردا"
كذبة بل تفاههْ
من صميم السفاههْ
يضحك الموج منها:
"قاصرَ العقلِ صُنها"
مالهُ البحر قالَ؟:
"إن مثلي استقال"
لا تسلْ يا شاطئْ
فوقك اليومَ خاطئْ
هل رأيتَ العرايا
يحتسون الدنايا
ينهقون حميرا
يخنقون الهديرا
فاخري العضلاتِ
تاركي الفضلاتِ؟
***
و في "صبرى"
ترى الصبرا
للورى يتحاشى
بينهم يتلاشى
و يقول:" وداعا
سوف أُبقي الخداعا
أين من بي يتواصى؟
كي يرومَ الخلاصا
كيف لي أن أُعينا
شبه إنسٍ لعينا؟
إنني الصبحُ لكنْ
للهدى صرتُ داكنْ
لستُ أهدي الكذُوبا
و الفتاة اللعوبا
غير أن اشتياقي
لزوال النفاقِ"
***
و مغنيّهْ
بلا نيّهْ
قبّةٌ خضراءُ
زارها الأحياءُ
و سوادُ مقاهي
مغضبٌ لإلهي
شاعرٌ من هناكَ
فرّ من ذا و ذاكَ
ضاربا بعصاهُ
كل معنىً عصاهُ
واصفاً للولايهْ
هو في الشِّعر آيهْ
فتراءتْ عيونُ
بصّرتها فنونُ
في بلادِ الفلّ قُلْ:
"أعينٌ تفضحُ الذلْ".

الأحد 22 أوت 2004

على الساعة العاشرة و النصف مساء