حرقة تصطلي في قنينة الروح !!

حُرْقَةٌ تَصْطَلِيْ [size=21]فِيْ قِنِّيْنَةِ الرُّوْحِ

[/size]

رَأسَيْن لِمَدْخَلٍ صاخبٍ بتفاصيلهِ :
( حينما يمرُّ شريط الذكرى ، يعرضُ كلَّ ما فيه ) .
( ذكريات الماضي التعيسة قبور ، وَ نبشها جريرة ، لَا تغتفر دونما جزاء ) .
{ /..}
يرتدِي المسَاءُ برنسًا مِن غزلِ السَّواد ، تهندمُ العُّتمة ياقات الطُّرقاتِ بما
يكفي لوكز أعمدة الإنارة ، لتمارس فوضى القفز بين منحنيات السكون ، وَ
الظلام ، المتكوِّرانِ فِي أرحام الزوايا ساجمينِ بنكهةٍ داكنة ، تجرجرُ الألحانَ
العمياء ، لتتأبطَ الأكوامَ منها ، فتكدسها بينَ راحتي الزمن ، أشجارَ زقوم
تزحفُ نحو نهر العمرِ ، المنهك بلعق قطعَ ذوب النحيب الرَّطبة كالسكين التي
تحملها ، فِي وقتٍ يُصافحُ بهِ مَن بالحيِّ وسائدهم ، يزرعونَ بها خطاهم إلى
غدٍ
عملي شاق ، بينما الطيور في وكناتها مُذ وقتٍ مُبكرٍ ؛ عجلةُ الليل ثقيلة
كالرصاص ، لا تكاد تدور ، عقاربُ الساعة تنحدرُ بمحاذاة السُّكون ، تشاركها
الثقل ، وَ يشدُّني السُّهد بحبالهِ المعقودة بشدَّةٍ ، المطلية بالسمك ، يتوقف لفينةٍ
، يلتقطُ فيها أنفاسهُ ، و يسترسل متوقدًا كرأسِ حيَّةٍ ، أصارعهُ كموج ، و أنهض
من فراشي المبلل بودق عينيَّ ، بخدرٍ أرنو إلى شرفتي المائلة أرقبُ
اصطفافَ بيوت العناكبِ المتشابكة على ناصيتها ، وَ أتأملُ النجومَ كأني
أحدها شاحبٌ أسفلَ الأفق ، بينما القمر يحملُ سلالًا منَ الضوء ، يطوف بها
الكون ، أبقى لبرهةٍ منَ الوقت أناظرهُ ، أستنشقُ بعمقٍ نسائمَ ليلٍ لم يتبقَ منهُ
سوى ثلثهُ الأخير ، أرقبُ قبابَ المسجدِ ، وَ مآذنهُ ، ببؤبؤين ، متجمرينِ ،
و لحظاتٍ مصلوبة على جسد الانتظار ، لصوتِ المؤذن ؛ مغرق بصمتي
، أتمحور حولهُ ، وَ أدير ظهري للنافذةِ ، ألمقُ رقَّاص ساعتي الحائطية يترجرج
كشفتيَّ ، ليبعث لي بأنهُ لم يتبق إلا القليل ، ليتهادى الوقتُ ببطئ وَ ترهل
حيث استلقى فِيْ جيوب اللَّيل ، وَ على حين خفقةٍ سقطت كتلة مِنْ العتمة على
السَّماء ، وَ كأنما اندلقت عليها مليون زجاجة حبر سواداء ، في منظر لم يلبث
كثيرًا حَتَّى خلعت السَّماءُ أوشحةَ السَّوادِ ، وَ عبَّدتها زرقةُ الغيم ، كللتها أساورُ
من ورق ( الدانتيل ) ، وَ غزل ( النيلجُ ) مِن ذاتهِ فستانا ، ليرتديها ، في وقتٍ
كانت فيهِ حدائق ( اللافندر ) تلتوي على ذواتها حبورًا ؛ أقبل ساعي البريد في
همة ، و حيوية ، أخذ يفتشُ بين أكوام الرسائل عن مظروف رسالةٍ ، لم يجدها
، و بدا مضرجًا في ذهولٍ شفافٍ ، وَ لكنهُ يتنفسُ الصعداء فقد وجدهُ أخيرًا ،
ليودعه
بصندوق الرسائل ؛ لم يكن فضولي في فورتهِ المعتادة ، وَ لم أهرع لمعرفةِ
ما يحويه ذلك المظروف مُزخرفُ العجيزة بملصق أحمر كتبَ عليهِ بخطٍ عريض
رديءٍ ( دولابُ جسد ) ، أمسكتُ بالمظروف وضعتهُ جانبًا ، ريثما أخرج
الخبز من المحمصة ، و أنهي إعداد كوب القهوة ، عدتُ ، وَ أحكمتُ على
المظروف
بقبضةٍ سخيةٍ ، نزعت اللاصق لأجد مكتوبًا كالوسبِ الممتد ، يشيرُ إلى أنني
اقتنيت موتي في دولاب جسدٍ استعمرت خلاياهُ الدافئة روائحُ الغدائر ،
حدَّ
خلوِّها مِن الوفاء ، لتتسرطنَ الدهشةُ أحزمةً حول جمجمةٍ تحوي الكثير مِن
الأسلاك التي هي بالكاد تعمل ، من فرط خنق فقاعات الذُّهولِ ، فريقُ ظمأ
العمر
لم يبل بعد ، وَ الزرقة لم تكن سوى دلاق سراب ، وَ مسرحةُ الليالي لديمومة
الوصال مجرَّد طعنة طاغيةٍ ، أنفاسها تنينيَّةٌ تختبئ في زيِّ حميم الرياحين ،
باعت جسدها الغض لوغدٍ أغدقهُ بزيوت الإغراء كاذبة العطرِ ، وَ رماها على
عتبتي
مُنهكة يُشعشعُ منها العارُ كعينِ الدِّيكِ بعدَ أنْ عشعشَ فيها ، و طائرُ
الحبِّ مذبوحًا ، منكسة رأسها ، أنفاسها كأنها غثاء الرِّياح تفوح
بالجريرةِ الخضيبةِ
باللا عقل ، في لحظةِ تجردٍ كتبت لا النافية للشعور بالبنط العريض ، ليكون
الجواب انطلاق فرس الشهوةِ الجموح ، مهتاجًا ، بلا قيود / حدود ، ليأخذ ذاتهُ
إلى الحد الذي أرادهُ ، ليتوقف بعد ذلك كسيحًا على جيدِ المُثول ، مطأطأ الرأس
، يشهق آلام الخطيئة ، وَ يزفرُ آهها الأطط ، بعد التأرجح في ملكوتها بأريحية
، زائفة صنعتها قطرات متعة سرعان ما بخرتها الشمس حين الشروق ، لينض
د الشجبُ بعضهُ ، وَ يكفهر وجه الصباح بعد بشاشة ، و تداهمني مرةً أخرى
صدمة / لطمة الخيار الخاطئ ، رسمًا لشريعة الدرك الأسعر من الوجع ، يأزرُ
مجددًا بخرائط الدهاليز الممتدة في أبعاد الظلام ، حقائقًا ملثومةً بتجاعيد القدر
، و التفاتات الغدر ، المتكورة في محض هدير سخام ، مطل من نافذة أزلفت
بها حمى حماقات بعثرة ، تدلي بوميض شرٍّ مسموم من خلف الحجب ، يستحي
ل في توارد الليل ، و أطراف النهارِ نهشًا لا بدَّ منهُ يتوغل نهكًا يرفرفُ بغدافية
وثيقةٍ داكنة ، كللتها أيادي الأماسي العبث بالصنع ، و الوشم إباحة ، تمتشق أظافر
الخربشة ، الموشاة بصبيب النار السعار ، تحتقن بهِ الأوداجُ ، و الأحداق ،
و تخضوضل ببزقةٍ شيطانيةٍ ، تستشري في الجداريات معاريجًا تراوح الآفاق
بسموم أدخنة خانقة ، تستفحل ، و تتكاثف ، حتى لم تعد شبكيَّة العين تلتقط
الأشياء بالوضوح ذاته ، بعد أن تفتحت أزهار العسل المسموم على قمصان
غيمي ، مكللة جيد الذاكرة بتلافيف الشوك ، لتضحي أفاعيها متحفزة للدغ بلذة
يكتنفها توهج المكر ، و لا يمسها الفتور ، تتآكلُ بها رؤىً أسدلتها برعمة جذع
الروح ، الموعودة سالفًا بصفرة اليباس ، المعتق بأشلاء اللهب المتموج ، الذي
على مدده يطهى النوح المقدد ، ليقدم في طبقٍ العوسج محفوفًا بمرق الصبار و
الحنظل ، براكين وجيعة ، و لؤم فجيعة ، و عجرفة زمنٍ سعارٍ ، ليتحرك مرةً
أخرى رقاص ساعة الحائط بعقارب ممغنطةٍ بالجنون تعلن حلول الهائمة ، و
النصف ليلًا ، يتكاثفُ معجونا بأنامل محمومة بالخيبة ، و أترك حجرة المعيشة
، وَ أتجول بخطىً كسيحة في أرجاء المنزل ، أتجاهل حجرة الطعام اضرابًا ، و
أتضوَّرُ جوعًا تحت الغطاء فوق سرير يتوسده جسد بعثرهُ القهر ، و ذات انهماكٍ
في نبش الماضي ، يتلاشى الألم شيئًا فشيئًا ، يترك قليلًا من التشويش ، كأثرٍ
جانبي لقصة حبٍّ فاشلة بدأت قوية كعينِ الشَّمس وَ انقضت عينًا ممراحًا .
ابتهالٌ لـ مَ / مُ خرج :
(يَاربْ إنِّيْ أسألكَ أنْ تحدثَ ثقبًا فِيْ ذاكرتي تخرجُ عبرهُ جراثيم الذِّكرى دونما عودة ) .
[size=16]فهد القرني

[/size]

شكرااااا

» حرقة تصطلي في قنينة الروح !!
» نكت حصرية همس الروح
» جمال الروح سلام
» أُقسِــــــــــمُ لــــــــــــــكِ بقلمي (عاشق الروح ** فؤاد العبيدي
» Özgürlük Filosu أسطول الحرية تركيا دفء الروح